كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واستدراك قوله: {ولكن رسول الله} لرفع ما قد يُتوهم مِن نفي أبوته، من انفصال صلة التراحم والبّرِ بينه وبين الأمة فذُكِّروا بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كالأب لجميع أمته في شفقته ورحمته بهم، وفي برّهم وتوقيرهم إياه، شأن كل نبيء مع أمته.
والواو الداخلة على {لكن} زائدة و{لكنْ} عاطفة ولم ترد {لكن} في كلام العرب عاطفة إلاّ مقترنة بالواو كما صرح به المرادي في شرح التسهيل.
وحرف {لكن} مفيد الاستدراك.
وعَطَف صفة {وخاتم النبيئين} على صفة {رسول الله} تكميل وزيادة في التنويه بمقامه صلى الله عليه وسلم وإيماء إلى أن في انتفاء أبوته لأحد من الرجال حكمةً قدَّرها الله تعالى وهي إرادة أن لا يكون إلا مثل الرُّسل أو أفضل في جميع خصائصه.
وإذ قد كان الرسل لم يخل عمود أبنائهم من نبيء كان كونه خاتم النبيئين مقتضيًا أن لا يكون له أبناء بعد وفاته لأنهم لو كانوا أحياء بعد وفاته ولم تخلع عليهم خلعة النبوءة لأجل ختم النبوءة به كان ذلك غضًا فيه دون سائر الرسل وذلك ما لا يريده الله به.
ألا ترى أن الله لما أراد قطع النبوءة من بني إسرائيل بعد عيسى عليه السّلام صرف عيسى عن التزوج.
فلا تجعل قوله: {وخاتم النبيئين} داخلًا في حيّز الاستدراك لما علمت من أنه تكميل واستطراد بمناسبة إجراء وصف الرسالة عليه.
وببيان هذه الحكمة يظهر حسن موقع التذييل بجملة {وكان الله بكل شيء عليما} إذْ أظهر مقتضى حكمته فيما قدره من الأقدار كما في قوله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس} إلى قوله: {ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم} [المائدة: 97].
والآية نصّ في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيئين وأنه لا نبيء بعده في البشر لأن النبيئين عام فخاتم النبيئين هو خاتمهم في صفة النبوءة.
ولا يعكر على نصيِّة الآية أن العموم دلالتُه على الأفراد ظنية لأن ذلك لاحتمال وجود مخصّص.
وقد تحققنا عدم المخصص بالاستقراء.
وقد أجمع الصحابة على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل والأنبياء وعُرف ذلك وتواتر بينهم وفي الأجيال من بعدهم ولذلك لم يترددوا في تكفير مسيلمة والأسود العَنْسِي فصار معلومًا من الدين بالضرورة فمن أنكره فهو كافر خارج عن الإِسلام ولو كان معترفًا بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله للناس كلّهم.
وهذا النوع من الإِجماع موجب العلم الضروري كما أشار إليه جميع علمائنا ولا يدخل هذا النوع في اختلاف بعضهم في حُجِّية الإِجماع إذ المختلف في حجّيته هو الإِجماع المستند لنظر وأدلة اجتهادية بخلاف المتواتر المعلوم بالضرورة في كلام الغزالي في خاتمة كتاب الاقتصاد في الاعتقاد مخالفة لهذا على ما فيه من قلة تحرير.
وقد حمل عليه ابن عطية حملة غير منصفة وألزمهُ إلزامًا فاحشًا ينزه عنه علمه ودينه فرحمة الله عليهما.
ولذلك لا يتردد مسلم في تكفير من يُثبت نبوءةً لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم وفي إخراجه من حظيرة الإِسلام، ولا تعرف طائفة من المسلمين أقدمت على ذلك إلا البابِيَّة والبَهائية وهما نحْلتان مشتقة ثانيتهما من الأولى.
وكان ظهور الفرقة الأولى في بلاد فارس في حدود سنة مائتين وألف وتسربت إلى العراق وكان القائم بها رجلًا من أهل شيراز يدعوه أتباعه السيد علي محمد، كذا اشتهر اسمه، كان في أول أمره من غلاة الشيعة الإِمامية.
أخذ عن رجل من المتصوفين اسمه الشيخ أحمد زين الدين الأَحسائي الذي كان ينتحل التصوف بالطريقة الباطنية وهي الطريقة المتلقاة عن الحلاج.
وكانت طريقته تعرف بالشيخية، ولما أظهر نحلته علي محمد هذا لقبَ نفسه بَاب العلم فغلب عليه اسم الباب.
وعرفت نحلته بالبَابِيّة وادعى لنفسه النبوءة وزعم أنه أوحي إليه بكتاب اسمه البيان وأن القرآن أشار إليه بقوله تعالى: {خلق الإنسان علمه البيان} [الرحمن: 3 4] وكتاب البيان مؤلف بالعربية الضعيفة ومخلوط بالفارسية وقد حكم عليه بالقتل فقتل سنة 1266 في تبريز.
وأما البهائية فهي شعبة من البابِيّة تنسب إلى مؤسسها الملقّب ببهاء الله واسمه ميرزا حُسين عَلي من أهل طهران تتلمذ للباب بالمكاتبة وأخرجته حكومة شاه العجم إلى بغداد بعد قتل الباب.
ثم نقلته الدولة العثمانية من بغداد إلى أدرنة ثم إلى عكا، وفيها ظهرت نحلته وهم يعتقدون نبوءة الباب وقد التفّ حوله أصحاب نحلة البابيّة وجعلوه خليفة البَاب فقام اسم البهائية مقام اسم البَابية فالبهائية هم البابية.
وقد كان البهاء بَنى بناء في جبل الكرمل ليجعله مدفنًا لرفات الباب وآل أمره إلى أن سجنته السلطنة العثمانية في سجن عَكا فلبث في السجن سبعَ سنوات ولم يطلق من السجن إلا عند ما أُعلن الدستور التركي فكان في عداد المساجين السياسيين الذين أُطلقوا يومئذٍ فرحل منتقلًا في أوروبا وأميركا مدة عامين ثم عاد إلى حيفا فاستقرّ بها إلى أن توفي سنة 1340 وبعد موته نشأ شقاق بين أبنائه وإِخوته فتفرقوا في الزعامة وتضاءلت نحلتهم.
فمن كان من المسلمين متّبعًا للبَهائية أو البابية فهو خارج عن الإِسلام مرتدّ عن دينه تجري عليه أحكام المرتدّ.
ولا يرث مسلمًا ويرثه جماعة المسلمين ولا ينفعهم قولهم: إنا مسلمون ولا نطقهم بكلمة الشهادة لأنهم يثبتون الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم قالوا بمجيء رسول من بعده.
ونحن كفَّرنا الغُرابية من الشيعة لقولهم: بأن جبريل أرسل إلى علي ولكنه شُبّه له محمد بعليّ إذ كان أحدهما أشبه بالآخر من الغراب بالغراب وكذبوا فبلغ الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فهم أثبتوا الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم زعموه غير المعيّن من عند الله.
وتشبه طقوس البهائية طقوس الماسونية إلا أن البهائية تنتسب إلى التلقي من الوحي الإِلهي، فبذلك فارقت الماسونية وعُدّت في الأديان والملل ولم تعد في الأحزاب.
وانتصب {رسول الله} معطوفًا على {أبا أحد من رجالكم} عطفًا بالواو المقترنة ب {لكن} لتفيد رفع النفي الذي دخل على عامل المعطوف عليه.
وقرأ الجمهور {وخاتِمَ النبيئين} بكسر تاء {خاتِم} على أنه اسم فاعل من ختم.
وقرأ عاصم بفتح التَاء على تشبيهه بالخاتَم الذي يختم به المكتوب في أن ظهوره كان غلقًا للنبوءة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41)}.
إقبال على مخاطبة المؤمنين بأن يشغلوا ألسنتهم بذكر الله وتسبيحه، أي أن يمسكوا عن مماراة المنافقين أو عن سبّهم فيما يُرجفون به في قضية تزوج زينب فأمر المؤمنين أن يعتاضوا عن ذلك بذكر الله وتسبيحه خيرًا لهم، وهذا كقوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا} [البقرة: 200]، أي خير من التفاخر بذكر آبائكم وأحسابكم، فذلك أنفع لهم وأبعد عن أن تثور بين المسلمين والمنافقين ثائرة فتنة في المدينة، فهذا من نحو قوله لنبيّئه {ودَعْ أذاهم} [الأحزاب: 48] ومن نحو قوله: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم} [الأنعام: 108]، فأمروا بتشغيل ألسنتهم وأوقاتهم بما يعود بنفعهم وتجنب ما عسى أن يوقع في مضرة.
وفيه تسجيل على المنافقين بأن خوضهم في ذلك بعد هذه الآية علامة على النفاق لأن المؤمنين لا يخالفون أمر ربهم.
والجملة استئناف ابتدائي متصل بما قبله للمناسبة التي أشرنا إليها.
والذكر: ذكر اللسان وهو المناسب لموقع الآية بما قبلها وبعدها.
والتسبيح: يجوز أن يراد به الصلوات النوافل فليس عطف {وسبحوه} على {اذكروا الله} من عطف الخاص على العام.
ويجوز أن يكون المأمور به من التسبيح قول: سبحان اللَّه، فيكون عطف {وسبّحوه} على {اذكروا الله} من عطف الخاص على العام اهتمامًا بالخاص لأن معنى التسبيح التنزيه عما لا يجوز على الله من النقائص فهو من أكمل الذكر لاشتماله على جوامع الثناء والتمجيد، ولأن في التسبيح إيماء إلى التبرؤ مما يقوله المنافقون في حقّ النبي صلى الله عليه وسلم فيكون في معنى قوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم} [النور: 16] فإن كلمة: سبحان الله، يكثر أن تقال في مقام التبرُّؤ من نسبة ما لا يليق إلى أحد كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سُبحان الله المُؤمن لا ينجس».
وقول هند بنت عتبة حين أخذ على النساء البيعة «أن لا يَزْنين»: سبحان الله أتزني الحرّة.
والبُكرة: أول النهار.
والأصيل: العشيّ الوقت الذي بعد العصر.
وانتصبا على الظرفية التي يتنازعها الفعلان {اذكروا الله} {وسبحوه}.
والمقصود من البُكرة والأصيل إعمار أجزاء النهار بالذكر والتسبيح بقدر المُكْنة لأن ذكر طرفي الشيء يكون كناية عن استيعابه كقول طرفة:
لكَالِطّوَل المرخَى وثِنياه باليد

ومنه قولهم: المشرق والمغرب، كناية عن الأرض كلّها، والرأسُ والعقب كناية عن الجسد كله، والظهر والبطن كذلك.
وقدّم البكرة على الأصيل لأن البكرة أسبق من الأصيل لا محالة.
وليس الأصيل جديدًا بالتقديم في الذكر كما قُدم لفظ {تمسون} في قوله في سورة الروم {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} [الروم: 17] لأن كلمة المساء تشمل أول الليل فقدم لفظ {تمسون} هنالك رعّيًا لاعتبار الليل أسبق في حساب أيام الشهر عند العرب وفي الإِسلام وليست كذلك كلمة الأصيل.
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} تعليل للأمر بذكر الله وتسبيحه بِأن ذلك مجلبةٌ لانتفاع المؤمنين بجزاء الله على ذلك بأفضل منه من جنسه وهو صلاته وصلاة ملائكته.
والمعنى: أنه يصلي عليكم وملائكته إذا ذكرتموه ذكرًا بُكرة وأصيلًا.
وتقديم المسند إليه على الخير الفعلي في قوله: {هو الذي يصلي عليكم} لإِفادة التقوِّي وتحقيق الحكم.
والمقصود تحقيق ما تعلق بفعل {يصلي} من قول: {ليخرجكم من الظلمات إلى النور}.
والصلاة: الدعاء والذكر بخير، وهي من الله الثناء.
وأمره بتوجيه رحمته في الدنيا والآخرة، أي اذكروه ليذكركم كقوله: {فاذكروني أذكركم} [البقرة: 152] وقوله في الحديث القدسي: «فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي وإن ذكَرَنِي في ملإِ ذكرتُه في ملإِ خيرٍ منهم».
وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين فيكون دعاؤهم مستجابًا عند الله فيزيد الذاكرين على ما أعطاهم بصلاته تعالى عليهم.
ففِعل {يصلي} مسند إلى الله وإلى ملائكته لأن حرف العطف يفيد تشريك المعطوف والمعطوف عليه في العامل، فهو عامل واحد له معمولان فهو مستعمل في القدر المشترك الصالح لصلاة الله تعالى وصلاة الملائكة الصادق في كلَ بما يليق به بحسب لوازم معنى الصلاة التي تتكيّف بالكيفية المناسبة لمن أسندت إليه.
ولا حاجة إلى دعوى استعمال المشترك في معنييه على أنه لا مانع منه على الأصح، ولا إلى دعوى عموم المجاز.
واجتلاب {يصلي} بصيغة المضارع لإِفادة تكرر الصلاة وتجددها كلما تجدد الذكر والتسبيح، أو إفادة تجددها بحسب أسباب أخرى من أعمال المؤمنين وملاحظة إيمانهم.
وفي إيراد الموصول إشارة إلى أنه تعالى معروف عندهم بمضمون الصلة بحسب غالب الاستعمال: فإمّا لأن المسلمين يعلمون على وجه الإِجمال أنهم لا يأتيهم خير إلاّ من جانب الله تعالى، فكل تفصيل لذلك الإجمال دخل في علمهم، ومنه أنه يصلي عليهم ويأمر ملائكته بذلك، وإمّا أن يكون قد سبق لهم علم بذلك تفصيلًا من قبل: فبعض آيات القرآن كقوله تعالى: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} [الشورى: 5] فقد علم المسلمون أن استغفار الملائكة للمؤمنين بأمر من الله تعالى لقوله تعالى: {ما من شفيع إلا من بعد إذنه} [يونس: 3]، والدعاء لأحد من الشفاعة له، على أن من جملة صلة الموصول أن ملائكته يصلُّون على المؤمنين.
وذلك معلوم من آيات كثيرة، وقد يكون ذلك بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين فيما قبل نزول هذه الآية، ويؤيد هذا المعنى قوله بعده {وكان بالمؤمنين رحيمًا} كما يأتي قريبًا.
واللام في قوله: {ليخرجكم} متعلقة ب {يصلي}.
فعلم أن هذه الصلاة جزاء عاجل حاصل وقت ذكرهم وتسبيحهم.
والمراد ب {الظلمات} الضلالة، وبالنور: الهُدى، وبإخراجهم من الظلمات: دوام ذلك والاستزادَة منه لأنهم لما كانوا مؤمنين كانوا قد خرجوا من الظلمات إلى النور {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} [مريم: 76].
وجملة {وكان بالمؤمنين رحيمًا} تذييل.
ودلّ الإِخبار عن رحمته بالمؤمنين بإقحام فعل {كان} وخبرها لما تقتضيه {كان} من ثبوت ذلك الخبر له تعالى وتحققه وأنه شأن من شئونه المعروف بها في آيات كثيرة.
ورحمته بالمؤمنين أعمّ من صلاته عليهم لأنها تشمل إسداء النفع إليهم وإيصال الخير لهم بالأقوال والأفعال والأَلطاف.
{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)}.
أعقب الجزاء العاجل الذي أنبأ عنه قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} [الأحزاب: 43] بذكر جزاء آجل وهو ظهور أثر الأعمال التي عملوها في الدنيا وأثر الجزاء الذي عجّل لهم عليها من الله في كرامتهم يوم يلقون ربهم.
فالجملة تكملة للتي قبلها لإِفادة أن صلاة الله وملائكته واقعة في الحياة الدنيا وفي الدار الآخرة.
والتحية: الكلام الذي يخاطب به عندَ ابتداء الملاقاة إعرابًا عن السرور باللقاء من دعاء ونحوه.
وهذا الاسم في الأصل مصدر حيّاه، إذا قال له: أحْياك الله، أي أطال حياتك.
فسمى به الكلام المعرب عن ابتغاء الخير للملاقَى أو الثناء عليه لأنه غلب أن يقولوا: أحياك الله عند ابتداء الملاقاة فأطلق اسمها على كل دعاء وثناء يقال عند الملاقاة وتحية الإِسلام: سَلامٌ عليك أو السلامُ عليكم، دعاء بالسلامة والأمن، أي من المكروه لأن السلامة أحسن ما يُبتغى في الحياة.
فإذا أحياه الله ولم يُسلِّمه كانت الحياة أَلَما وشرًا، ولذلك كانت تحيةُ المؤمنين يوم القيامة السلامَ بشارة بالسلامة مما يشاهده الناس من الأهوال المنتظرة.
وكذلك تحية أهل الجنة فيما بينهم تلذّذًا باسم ما هم فيه من السلامة من أهوال أهل النار، وتقدم في قوله: {وتحيتهم فيها سلام} في سورة يونس (10).
وإضافة التحية إلى ضمير المؤمنين من إضافة اسم المصدر إلى مفعوله، أي تحية يُحَيَّون بها.
ولقاء الله: الحضور من حضرة قدسه للحساب في المحشر.
وتقدم تفصيل الكلام عليها عند قوله تعالى: {واعلموا أنكم ملاقوه} في سورة البقرة (223).
وهذا اللقاء عام لجميع الناس كما قال تعالى: {فأعقبهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه} [التوبة: 77] فميّز الله المؤمنين يومئذٍ بالتحية كرامة لهم.
وجملة {وأعد لهم أجرًا كريمًا} حال من ضمير الجلالة، أي يحييهم يوم يلقونه وقد أعد لهم أجرًا كريمًا.
والمعنى: ومن رحمته بهم أن بدأهم بما فيه بشارة بالسلامة وقد أعدّ لهم أجرًا كريمًا إتمامًا لرحمته بهم.
والأجر: الثواب.
والكريم: النفيس في نوعه، وقد تقدم عند قوله تعالى: {إني ألقي إلي كتاب كريم} في سورة النمل (29)، والأجر الكريم: نعيم الجنة. اهـ.